يمثل تصاعد عمليات سرقة النفط في نيجريا، أزمة في أروقة الحكومية الفيدرالية، كلما حاولت تضييق الخناق عليه، تمهيدًا لاستئناف الإنتاج بمعدلات أكبر ودعم الاقتصاد المحلي، وللحيلولة دون تخارج شركات الطاقة الكبرى.
وفي هذا السياق الذى يشهد اضطرابًا ملحوظًا، طالب اتحاد عمالي بزيادة التأمين بمفهومه الأمني، ووثائق التأمين للتعويض الكاف واللازم عن إضرار خسائر صناعة النفط في البلاد، وتعزيز الوجود العسكري في مواقع الإنتاج. وخلال السنوات القليلة الماضية، تفاقمت ظاهرة سرقة الخام في الدولة الواقعة غرب أفريقيا، وتكبدت الحكومة خسائر مالية باهظة.
تحدث سرقة النفط في نيجيريا خلال مراحل عدة، بدءًا من مواقع الإنتاج والآبار ومرورًا بخطوط نقل الإمدادات، ما يجعل محاولة تحجيمها أمرًا صعبًا. وتُعد عمليات السرقة والتخريب أبرز التحديات التي تواجه حكومة الرئيس بولا أحمد تينوبو، بعدما تسببت في تقليص إنتاج الخام وصادراته، وأضرت بالاقتصاد والعائدات المالية.
وطالب رئيس رابطة كبار موظفي قطاع النفط والغاز الطبيعي في البلاد فيستوس أوسيفو، حكومة الرئيس تينوبو، بتعزيز الحضور العسكري في أبرز مواقع إنتاج الخام خاصة دلتا النيجر.
وقال أوسيفو، إن السيطرة على مخاطر سرقة النفط في نيجيريا تضمن تعزيز العوائد الاقتصادية، مشيرًا إلى أن زيادة إنتاج الخام تُعد أبرز حلول أزمة النقد الأجنبي ونقص السيولة الدولارية، حسب ما نقلته عنه رويترز.
وأوضح أن تشغيل مصفاة دانغوتي وبدء تدفق إمدادات الوقود منها لم يكن كافيًا لخفض الأسعار بالقدر المأمول، لكن خفض سعر الصرف وتوافر السيولة يمكن أن يعزز ذلك.
وقد لاحقت قوات الأمن عملية لسرقة النفط في نيجيريا خطط لها عدد من اللصوص، وألقت القبض على 25 لصًا منهم، خلال أحد المداهمات في شهر أبريل الجاري. ونجحت هذه القوة في استرداد كميات من النفط المسروق، بما يُقدر بنحو (565 ألفًا و200 لتر من الخام، و8 آلاف لتر بنزين، و22 ألفًا و500 لتر ديزل جرى تكريره بصورة غير قانونية).
ورصدت قوات الأمن النيجيرية عددًا من المرافق المستعملة بعد عمليات السرقة، وتشمل: 16 موقعًا لتكرير الخام، و6 حفر للاختباء، بالإضافة إلى 18 صهريجًا للتخزين، و33 قاربًا لاستعمالات النقل.
وتبرز تداعيات سرقة النفط في نيجيريا بصورة أقوى من الدول الأخرى، خاصة أن أبوجا تُعد أكبر منتج للخام في قارة أفريقيا بأسرها. ويعتمد الاقتصاد النيجيري على النفط فيما يزيد على ثلثي عائداته، بالإضافة إلى أن عوائد التصدير تُعد ركيزة رئيسة للسيولة الأجنبية بنسبة تصل إلى 90%.
وفي شهر فبراير الماضي، قدرت منظمة أوبك إنتاج النفط النيجيري بنحو 1.48 مليون برميل يوميًا، وحتى الآن ما زال الإنتاج في مستوى ينخفض عن 1.78 مليون برميل يوميًا رغم المحاولات التدريجية للتعافي.
تسببت أعمال السرقة والتخريب في تخارج عدد من كبريات شركات الطاقة، مثل شركة «شل» العالمية متعددة الجنسيات، و«إكسون موبيل» الأميركية.
ولمنع تفاقم الأمر بصورة أكبر تشن قوات الأمن والجيش هجمات من حين إلى آخر على لصوص سرقة النفط في نيجيريا، وتضمنت هذه الهجمات غارات جوية على المواقع المحتملة للسرقة والمراكب الناقلة للإمدادات، في أغسطس من العام الماضي.
وأعلن مسؤول حكومي -حينها- أن سرقة الخام تكبد نيجيريا خسائر مالية تصل إلى 1.5 مليار دولار سنويًا، بالإضافة إلى خسائر البنية التحتية التي كلفت الدولة مليارات الدولارات.
وتقدّر نيجيريا كميات النفط التي تواجه عمليات السطو بما يصل إلى 400 ألف برميل يوميًا، وخلال 6 أيام فقط من شهر يوليو 2023 واجهت البلاد 40 عملية لسرقة الخام. ورصدت الهيئات المعنية -حينها- تعديل مسار نقل الخام وربط خطوط الأنابيب بنحو 93 وصلة غير قانونية، بالإضافة إلى 69 مصفاة تكرير غير مرخصة تعالج الخام المسروق.