تزايدت فى الأونة الأخير أعمال القرصنة الإلكترونية، التي ينشط فيها متخصصون بهدف تحقيق أرباح غير مشروعة من وسائل احتيالية، وذلك مع أتساع الطفرة الرقمية التى تسيطر على العالم حاليًا، وتؤثر على الأنشطة الاقتصادية التى تُدار عبر نظم تكنولوجية.
ولا يخفى أن وثائق التأمين السيبرانى تضم مجموعة واسعة من التغطيات ذات الصلة بالبيئة الحالية، وتشمل مسئولية أمن الشبكة وخصوصيتها وانقطاع أعمالها وتكاليف استعادة البيانات وأضرار السمعة وفشل النظام، والدفاع التنظيمى للخصوصية.
وبحسب خبراء تأمين في الدولة المصرية، فأن الشركات عليها مسؤولية اتخاذ إجراءات مناسبة للتخفيف من المخاطر المحتملة للقرصنة الإلكترونية، مع تعزيز وعى الموظفين والمستخدمين الآخرين بالتهديدات السيبرانية، ودعم وتحديث الأنظمة التكنولوجية، ومراجعة التغطيات، مع مراعاة الخسائر المحتملة بسبب تلك الهجمات.
قال محمود دهشان؛ رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات بشركة gig حياة تكافل في مصر، إن البنوك والقطاعات المالية والتكنولوجية والرعاية الطبية أبرز الجهات الساعية لشراء وثيقة التأمين ضد عمليات القرصنة الإلكترونية، فهى أكثر الكيانات الرابضة تحت أخطار القرصنة، نظرا لاعتمادها كليا على البيانات وسريتها، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة سوق كبرى لذلك النوع، فقد سُجل أكثر من 1790 حادث اختراق خلال 2022 فقط، بينما تكبدت الشركات تعويض الخسارة للمؤسسات.
وأضاف في حديث له مع صحيفة «المال»، أن تأمين الأخطار الإلكترونية أو التأمين ضد القرصنة الإلكترونية من التغطيات المستحدثة، لحماية الشركات والأشخاص المزاولون أنشطة عبر الإنترنت ضد أخطار البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، ويندرج تحت مظلة تأمينات المسئوليات، ويستثنى عادة من الوثائق النمطية، ويُغطى ببوليصة خاصة حال طلب العميل، لتعويض أضرار سرقة أو ضياع أو تدمير البيانات الشخصية أو التجارية، أو تعطل وسائل الاتصالات، مثل الموقع الإلكترونى، أو سلب الأموال باختراق الحسابات.
وبيّن أن الاقتصاد يواجه أخطار الهجمات الإلكترونية على مختلف الجهات والمؤسسات، لا سيما بعد انتشار مفهوم الشمول المالى واهتمام الدولة بالتكنولوجيا والتركيز عليها، ما دفع 4 شركات تأمين مصرية إلى تبنّى تلك الوثائق، ولم تصدر بيانات وافية بحجم خسائر القرصنة، إلا أن السوق الأمريكية منفردة تتكبد ما بين 60 إلى 110 مليار دولار سنويا بسبب أضرار الرقمنة.
وأشار أن إقبال الشركات على الوثيقة فى نمو يتراوح بين 19,5% و20% سنويا، لافتا أن قيمة التأمين العالمى الخاص بها فى 2021 زادت عن 9,3 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 28,5 مليار دولار فى 2028.
وبيّن أن خطورة تكنولوجيا المعلومات تكمن فى انتشار الوسائل الإلكترونية التى باتت تستخدم فى آليات الإدارة ومختلف القطاعات، ما يدفع الشركات إلى اقتناء تلك الوثائق.
واقترح أن تلجأ كيانات القطاع إلى تفنيد الهجمات الإلكترونية التى تتعامل معها وبيان أثر الخسائر دون وجود تغطية لها مقارنة بالمؤسسات المؤمن عليها، مما يدفع إلى ترويجها بشكل تقنى فعال، لا سيما أن شكل الوثيقة مكتمل ووافٍ بالسوق المصرية، إلا أن الثقافة الجمعية لا بد أن تتغير حتى تدرك مؤسسات الأعمال أهمية ذلك النوع من البوالص.
وقال وائل ثروت؛ خبير نظم المعلومات، إن إقبال شركات التأمين المصرية على الوثيقة حذر وضعيف، نتيجة عدم قدرة العملاء على تقدير حجم الخطر والخوف من الخسائر الكبيرة، لافتا إلى أن الكيانات التى أصدرتها بالاتفاق مع كبرى شركات الإعادة نسبة ضئيلة جدا من حجم السوق.
وأضاف أن القرصنة الرقمية تؤثر سلبا على قطاع الابتكار، فضلا على التبعات الاقتصادية، لتأثيرها على مصادر الإيرادات الحكومية وتعرّض المستهلكين لخسائر مالية محتملة، وفتحها الباب أمام أخطار أمنية، مثل سرقة الهوية أو اطّلاع الأطفال على محتويات غير ملائمة.
وتوقع أن تُؤتى المجهودات الرامية لتأسيس صناعة قوية للتأمين فى المجال أُولى ثمارها بعد اتفاق الشركات على معايير محددة لحماية الأمن الإلكترونى فى أجهزة الإنترنت، مؤمّلا أن ينجح القطاع فى وضع معايير قانونية للتعامل مع البيانات، وللمساعدة فى تحديد المسئولية عن خسائر الأخطاء.
وأوضح أن الوثائق ليست من التى تصدر لعملاء أشخاص أو صغار الكيانات، إذ تغطى خطر القرصنة على الجهات التى تحتفظ ببيانات مهمة، مثل البنوك والمؤسسات الحكومية وشركات الطيران، فكل بوليصة تختلف عن الأخرى وتتطلب خبراء مختصين فى نوعية الخسائر المؤمن ضدها.
واقترح أن تُعرّف الجهات التى تحتفظ بمعلومات مهمة على الحاسبات الآلية ومنها شركات التأمين بحجم المخاطر المعرضة لها، بالشرح للمختصين داخل تلك المؤسسات، وصياغة أمثلة لخسائر كبيرة حدثت فعلا، ما يعد الأسلوب الأمثل لخلق طلب على تلك التغطيات.
ولفت أن الأخطار الإلكترونية تتطور يوميا بطبيعة الحال، مشيرا إلى أهمية مرونة الوثائق، لكى تتماشى مع الأساليب الجديدة فى القرصنة، فالبوليصة موجودة كأساس نمطى لدى شركات الإعادة الكبرى، وتعديلاتها تنبع منها، ولا يوجد ما يمنع من طلب إضافة تغطيات عليها.